الكويت تتابع جهودها لإرساء حق الإطلاع على المعلومات

الكويت - Wednesday, January 27, 2021


أصدر اليوم وزير العدل في دولة الكويت الدكتور نواف سعود الياسين اللائحة التنفيذية للقانون رقم 12 لسنة 2020 بشأن حق الاطلاع على المعلومات، وذلك ضمن المهلة القانونية لذلك بحسب نصّ القانون الذي أقرّه مجلس الأمة بتاريخ 5 أغسطس/آب 2020. في هذه المناسبة، أكّد وزير العدل أن "القانون يعتبر من أهم المتطلبات الأممية للدول الاعضاء [في إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد] ... ويسهم في تحسين مركز الكويت دوليًا في المؤشرات المعنية في الحريات ومكافحة الفساد".

بهذه الخطوة، تنضمّ دولة الكويت إلى عداد ما يزيد على 120 دولة حول العالم تمتلك قوانينًا مشابهة، وقد أصبحت سابع دولة عربية تعتمد إطارًا قانونيًا متخصّصًا في هذا الشأن الى جانب كلّ من الأردن واليمن والسودان وتونس ولبنان والمغرب، بالإضافة إلى قانون محلي في إقليم كردستان في العراق. هذا علمًا أن الجزء الغالب من هذه القوانين لم يدخل حيز النفاذ بعد أو لم يتمّ تفعيله على أرض الواقع بالشكل المطلوب.

نُشر القانون الكويتي الذي يحمل رقم 12 لسنة 2020  في الجريدة الرسمية بتاريخ 6 سبتمبر/ أيلول على أن يدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من تاريخه، أي في شهر مارس/آذار المقبل. تندرج هذه الخطوة التشريعية في نطاق تنفيذ التزامات الدولة بمقتضى استراتيجية الكويت لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد (2019-2024)، والتي تم إعدادها بدعم من الأمم المتحدة وأُعلن عنها في 15 يناير/ كانون الثاني 2019، كما تُعدّ تجسيمًا لمقتضيات المادة 10 من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد  التي أصبحت الكويت دولة طرفًا فيها في 2007. هذا ما أكدّه البيان الصادر عن الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) في هذه المناسبة إذ أشار الى أن هذا القانون يمثل "لبنة جديدة في منع الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة في القطاع العام".

وفي الواقع، تُعتبر القوانين المتعلقة بحرية المعلومات والحق في الوصول إليها من الأدوات الأساسية في دعم الشفافية وتفعيل المساءلة وتقليل فرص الفساد. كما إنها جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان، وفق ما هو وارد في المادة 19 من  الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. يُضاف الى ذلك دور هذه القوانين في مؤازرة جهود التنمية المستدامة وهو ما تؤكّده خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وذلك ضمن الهدف 16 حول السلام والعدل والمؤسسات القوية.

يتكوّن القانون الكويتي الجديد من سبعة فصول تضم سبع عشرة مادة. عرّف الفصل الأول المصطلحات الواردة القانون بما في ذلك الجهات الخاضعة لأحكامه، وهي الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والشركات الكويتية التي تساهم فيها الدولة أو أحد الجهات المذكورة بنسبة تزيد عن 50% من رأسمالها، والشركات والمؤسسات الخاصة التي تحتفظ بمعلومات أو مستندات نيابة عن هذه الجهات. أمّا في فصله الثاني، فمنح القانون الحق في طلب المعلومة لكل شخص طبيعي أو إعتباري له المصلحة في الحصول عليها. كما ألزم الجهات الخاضعة له بتعيين موظفي معلومات مسؤولين عن معالجة طلبات المعلومات، وتنظيم المعلومات والوثائق المتاحة وتصنيفها وفهرستها لتسهيل الوصول إليها عند الطلب، على أن يتم ذلك في غضون عامين من دخول القانون حيز التنفيذ.

ألزم الفصل الثالث من القانون الجهات المشمولة به بموجب النشر الاستباقي من خلال مواقع الكترونية تُنشأ للغرض، في أجل ثلاث سنوات من تاريخ السريان به. اما المعلومات والوثائق المطلوب نشرها تلقائيا فهي القوانين والنظم واللوائح والقرارات التي تعمل بموجبها والسياسات العامة التي تؤثر على الأفراد، والإجراء المتبع في عمليات إتخاذ القرار بما في ذلك قنوات الإشراف والمساءلة، والهيكل التنظيمي والإختصاصات والوظائف والواجبات، ودليل بأسماء رؤساء الجهات وشاغلي الوظائف القيادية، ومعلومات عن البرامج والمشروعات بالإضافة الى معلومات أخرى محددة في المادة 5 من القانون.

حدّد الفصل الرابع عملية تقديم طلب المعلومات وفق نموذج محدّد، على أن يتم الرد على طلبات المعلومات خلال عشرة أيام، يمكن تجدديها لمدة أقصاها ثلاثة أشهر، بعد إخبار المتقدم بالطلب، وذلك في حال كانت كمية المعلومات المطلوبة كبيرة أو كان الوصول الى المعلومة يستوجب استشارة جهة أخرى. في حال تمّ رفض إعطاء المعلومات، يمكن للمتقدم بالطلب ان يتظلّم لدى الجهة نفسها التي يجبّ عليها الرد خلال ستين يومًا، على أن يكون الرفض معللاً، مما يفسح المجال أمام طالب المعلومة للجوء إلى القضاء.

في فصله الخامس، حدّد القانون عشرة أنواع من المعلومات المستثناة من حق الإطلاع، بما فيها على سبيل المثال لا الحصر، المعلومات التي تمس بالأمن الوطني أو الأمن العام أو القدرات الدفاعية، أو تلك المعلومات التي تقرّرت سريتها بموجب الدستور او قانون او بقرار من مجلس الوزراء، والمعلومات التي تتعلق بالحياة الخاصة أو تتضمّن سرًا تجاريًّا. كما تناول الفصل السادس الجرائم والعقوبات المرتبطة بهذا القانون، وخص النيابة العامة بسلطة التحقيق والإدعاء في جميع الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. اما الفصل السابع فتضمّن الأحكام الختامية.

لعبت جمعية الشفافية الكويتية، باعتبارها عضوًا في اللجنة التنفيذية لصياغة اللائحة التنفيذية للقانون، وهي أيضًا عضو في المجموعة غير الحكومية للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، دورًا مهمًا في دعم صياغة واقرار هذا القانون. هذا ما أوضحه السيد ماجد المطيري، رئيس مجلس إدارة الجمعية الذي صرحّ قائلًا "شاركنا بفعالية في أعمال لجنة الصياغة وأبدينا رأينا، كممثلين للمجتمع المدني في أحكامه المختلفة، حيث قدمنا إقتراحات بشأن النشر الاستباقي للمعلومات وفقاً للمعايير الدولية" مضيفاً أن "هذا القانون مهم جداً للعاملين في مجال مكافحة الفساد والصحفيين حيث لا يمكن مراقبة أو محاسبة أحد ما لم يكن لدينا إمكانية الوصول إلى المعلومات العامة".

إنّ فعالية قوانين الحق في الوصول الى المعلومات تعتمد عادة على شمولية وجودة الإطار التنظيمي المعمول به بالإضافة الى قابليته للتطبيق، وقد حدّد التقييم العالمي لقوانين حق الوصول الى المعلومات (RTI Rating) سبعة معايير رئيسية يتمّ على أساسها تقييم هذه النصوص القانونية، بما في ذلك الأشخاص المؤهلين لممارسة هذا الحق، ونطاق ممارسته، وإجراءات الطلب، والاستثناءات، والرفض والاستئناف، والعقوبات والحمايات، ووسائل الترويج له.

بموازاة ذلك، تدعو المعايير الدولية والممارسات المقارنة الجيدة الى تطبيق القانون على جميع الأشخاص بما في ذلك غير المواطنين والأشخاص الاعتباريين دون الحاجة الى اشتراط صفة أو مصلحة. كما تتطلب وجود مسؤولين (موظفي معلومات) يمتلكون صلاحيات تخوّلهم الكشف عن المعلومات. بالإضافة الى ذلك، تقتضي المعايير الدولية أن تكون إجراءات طلب المعلومات واضحة وميسرة، وأن تكون الاستثناءات على الحق محدودة وواضحة ومتّفقة مع ضرورات حماية حقوق الإنسان، وتدعو أيضًا الى منح طالبي المعلومات إمكانية الاستئناف أمام هيئة رقابية مستقلة.

بإصدارها القانون واللائحة التنفيذية، خطت دولة الكويت خطوة هامة نحو إرساء الحق في الاطلاع على المعلومات، مع أن بعض المراقبين يرون أنه كان بالإمكان تطوير مضمون القانون بشكل أفضل ليتوافق أكثر مع المعايير الدولية والممارسات المقارنة الجيدة. مع ذلك، تبقى هذه الخطوة محلّ تقدير وطني كبير ومتابعة عن كثب من جانب المنظمات الإقليمية والدولية المختصة، ويبقى التحدي الأكبر كامنًا، كما هو شأن الاطر القانونية المماثلة في المنطقة والعالم، في تطبيق القانون بشكل فعٌال على أرض الواقع، وهو ما يجب أن تضطلع به الجهات المعنية الوارد ذكرها في القانون وتلك القيّمة على تنفيذ المبادرة ذات الصلة المرقّمة 1.1 في وثيقة "استراتيجية الكويت لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد" (2019-2024).

 




للرجوع الى أعلى الصفحة